قد يبدو غريباً جداً أن تخرج من جعبتي هذه الأفكار المرتبطة بعلم النفس الإجتماعي والتي سأكتبها في ظل السموم المتزاحم في المكان، من فساد تضج به المعمورة، من قتل وتشريد وسفك للدماء وتكميم للأفواه ومن عمالة صارخة، وخنوع جماهيري عريض، ومشاهد هنا وهناك لا تعبر إلا عن انكسارٍ وإذلالٍ تراكَمَ في الوعي الجمعي للجماهير. فللجماهير كينونتها وشخصيتها وسماتها وكأنها هوية فرد. فلا تصبر مجموعة على الألم كما تصبر مجموعة أخرى، فهناك الكثير من العوامل والسياقات التي تجعل للمجموعة والجمهور صوتاً وسمةً كصوت وسمة الفرد الواحد، والحالُ الراهنة، أن هذه الجموع اليوم تعاني من أشد المرض في الأفكار والانفعالات والمفاهيم.
الشخصية الجمعية للناس والشعوب، يتم تشكيلها وتحويرها والتلاعب بها، ويمكن برمجتها وبرمجة ردة فعلها، كما يمكن إسكارها وإخمارها كما يشرب الفرد المسكر فيتمايل مترنحاً ضاحكاً لا مبالياً بالمصائب التي تجري حوله، كما يمكن لهذه الشخصية أن تصبح مدمنةً للعقاقير فتحتاج إلى إعادة تأهيل لإخراج السموم من جسدها. ببساطة، إن ما يكوّن الفرد هو المجموعة (البيئة)، فيدخل في سياقها فيصبح جزءاً منها. هكذا كل فرد يستجيب لما حوله ليصبح الفرد نتاج المجموعة، وهكذا كل مجموعة تشكل أفرادها لتصبح المجموعة نتاج الفرد، فما ينطبق على الفرد ينطبق على المجموعة نفسياً وعملياً.
في نظري، لقد أساءت محاولات التجييش ودعوات الوحدة إلى شكل النسيج الحقيقي الذي يرسم هوية المنطقة، فأصبح الكل يسمي نفسه عربياً، وكأنها أشبه بمحاولة شراء لباس موحدٍ لأمم مختلفة. وكما يصح هذا التشبيه على مستوى الوطن العربي، فهو أيضاً صحيح على مستوى الدولة والعائلة والأفراد. الكل يحاول أن يلبس نفس اللباس الديني والقومي، وليس ذلك إلا حالة فقر وكساد في السوق، فإذا اتفقت الأذواق، بارت الأسواق، وبالفعل، قد بارت أسواق الهوية والقومية لأن الكل عربي، والحقيقة غير ذلك.
ولماذا يشكل هذا الموضوع أهميةً أصلاً؟ وهل هو أمرٌ ذو حساسية؟ أم أن موضوع الهوية مرتبط باستثمارات الأغاني والأفلام والمنتجات؟ إن الهوية في نظري هي الجواب الجمعي على السؤال الجوهري: من أنا؟ ومن هنا أرى هذا التعريف يجيب على مدى أهمية الموضوع وحساسيته، لأن الجواب على من أنا، يُشكل طريقة التفكير الجمعية، ويشكل ردة الفعل الجمعية أمام الكثير من القضايا التي تُطرح في أمةٍ ما. فالجواب على من أنا؟ يشكل منظومة الأمور التي تقبلها أو ترفضها هذه الأمة أو تلك، بل ويشكل طريقة ردة الفعل في القبول أو الرفض. من أنا؟ جوابها نسبي في الكثير من الأبعاد، فمن أنا مهنياً وعلمياً وحضارةً وإنجازا؟ جوابها يعني بالضرورة يحمل في طياته ماذا أريد أن أكون مستقبلاً. وفي كل هذه الأبعاد، يشكل التاريخ جزءاً مهما في الإجابة، ولكن، هل كل أبعاد الهوية تاريخية؟
إن لكل هوية بعدين زمنيين يجتمعان في الجسد الواحد، سواءً الجسد الجمعي أو الفردي. بعدٌ من الماضي ومن التاريخ، حيث الفرد اليوم لا يشكل حالة آنية معزولة، وإنما هو امتدادٌ لتاريخٍ وحضاراتٍ تتلخص بالعادات والتقاليد والجينات والممارسات اليومية من مأكل ومشرب ومن تأثير الطبيعة في تلك المنطقة المحددة على الفرد أو المجموعة. هذا بعدُ الماضي والتاريخ. أما البعد الآخر، فهو بعد الحاضر وتأثير الحاضر على الفرد، وهو البعد الأصعب فهماً، لأنه يشكل صراعاً بين البعد الماضي والبعد الحاضر الذي تتعدد أشكاله، فقد يكون البعد الحاضر استعمارياً ذا أهدافٍ استنزافية، وقد يكونُ بُعداً ترسيخياً تقدمياً يدفع بالمجموع والفرد إلى استثمار أدواته للسباق بين الهويات الجمعية الأخرى.
سأترك هذه المقدمة بسيطة بهذا الشكل كتمهيدٍ للحديث عن الهوية في بعدٍ استعماري، بعين المستعمر.
كلام عميق (من أنا )
وأرى ان من يرى نفسه عربيا بحتا بارك الله له ،،لأننا بزمن تقلصت الهوية تدريجيا بعيد على انها نُهبت عمدا
فنحن اصحاب الحروب اصبحنا نلملم هويِتُنا فتاتاً ماتبقى منها خشية الضياع لعلنا نوُرث لأبنائِنا هذا الفتات
فما نحن سوا ماضً توارثنا فتات فتات آباؤنا الذين باتوا مشردين منهب منهم الهوية
وايضاً وبطريقنا للانفتاح على العالم تقلص من مستوى انتمائنا من غير قصد ،فالانتماء الروحي المزيف الذي سعت اليه الغرب يلعب على وتيرة الهوية هو اخطر من مرض السرطان بانتشاره فينا،،،،،
استمرّ كلام جمييل
موضوع مهم خاصة بالوقت الحالي ،كنا نعتقد انه هنالك هوية قومية و عقائدية تجمعنا لكن اتضح انه هوية المصالح و الخنوع هي السائده.
بانتظار البعد الحاضر
كل التوفيق ادم🌹🌹
البحث عن هوية حقيقية لتنتمي لها. أظنها مسألة يختلف عليها الشعوب. فالشعوب التي وسمها بألوانها. باتت مطمئنة لهويتها. و الشعوب التي تناثرت في الأرض. تحاول جاهدة أن تدخل في ترتيب اي عِقد علها تشعر أنها من نفس اللون.
كلها هويات زائفة.
في إنتظار المزيد.