في نظري، لم يكن الإعلام استراتيجياً في حملاته للمقاطعة، أي أنه لم يحدد اتجاهاً واضحاً في المقاطعةِ غير تكبيد الكيان الخسائرَ المالية. وأعزي السبب في غياب الاستراتيجية هو غياب مفهوم الهوية أو غياب الشعور بالهوية، وهو ما يعني غياب الوجهة والطريق. ببساطة لأن الهوية تفرض على الإنسان شكلَ الحياة التي يمكن له أن يعيشها بحسب طريقة تفاعل الإنسان مع أرضه وبيئته التي نشأ فيها، فالهوية ضرورة حتمية بين الإنسان والمكان.
إن بحث الإنسان عن البدائل في تعامله مع قضية المقاطعة، هي خسارةٌ في معركة الهوية. فالهوية العالمية التي أنشأها العالم الغربي هي هوية صناعية، تربط الإنسان بالمصنع المؤلف من قطعٍ حديدية تعمل بشكل متكاملٍ لإخراج منتجات مغلفة توضع على الرفوف أو في أكياس وتحت مسمياتِ أشخاصٍ أو عوائل (أسماء المطاعم والمنتجات) جاءوا من سياقٍ تاريخيٍ محددٍ مجهولٍ بالنسبة لأكثر المستهلكين، ولربما يعرف تلك الأسماء من هم من تلك الجهة التاريخية فقط. ولا يعبر البحث عن البدائل إلا عن فراغٍ في الهوية، ونوع من العجز عن الخروج من دائرة الطريقة التي صنعها المستعمر.فالهوية الثرية تخرج بالمبتكرات الخلاقة من وحي البيئة والأرض والتاريخ والعلم ولا تعجزُ عن الحلول، لأن الهوية هي علاقة الإنسان بموجودات أرضه التي هو منها بالتحديد، حتى وإن عاش خارجها.
من هنا أرى أنه كان يجب أن نفكر بطريقة استراتيجية عند التفكير بالمقاطعة، من خلال وضعِ صورةٍ نهائية نتخيلها، وأن نضع معياراً حقيقياً للنجاح، بدلاً من متابعة أسهم الأسواق ومتابعة انخفاضها واعتبارُ ذلك فوزاً.
أؤمن بكل وجداني بأننا يجب أن نعمل على ما أسميه بـ"استعادة الهوية"، وليست المقاطعةُ إلا ردة الفعل المباشرة الآنية أمام الاستثمارات الصهيونية التي تغذي الكيان بصورته العالمية. إن تغير الوجهة نحو التفكير الصحيح هو المولد للأفكار الخلاقة الموجودة على الطريق، ولذلك يتوهم الكثير بأن ثقافتنا لا يمكن أن تخرج بإبداعات ثقافية أصيلة مستمدة من المحتوى الفكري الثقافي الذي يشكل هويتنا. فكما جعلت الدول المستعمِرة نظام الغذاء السريع أساساً في اقتصادها وبيعها وشرائها، فكذلك يمكن لنا أن ننتج من ثقافتنا ما يرسخ لدينا مفهوم الهوية، وما ينافس فكرة الغذاء السريع القائمة على أساس الإضافات التي تجعل الطعم مميزاً، والتي ينتج عنها فكرة الطابور، حيث يصطف الناس في طوابير لانتظار وجباتهم وحين شراء السلع، وهي صورةٌ منسجمةٌ مع طريقة تفكير هذا النظام، حيث يصطف الناس في طوابيرَ حتى في المطارات ووسائل النقل والمعاملات الرسمية، هي صورة العبودية التي تتجلي وقت الحروب حيث يصطف الناس في طوابير لانتظار المؤن، صورةٌ ترسم في ذهن الإنسان أنه محتاجٌ جداً إلى هذه المنظومة العالمية المتمثلة بشركات تدير المشهد، ولكن الحقيقة أن لا فرق بين هذه الطوابير سلماً وحرباً.
"استعادة الهوية" تُعيدُ فكرة الإنتاج، وتعيد علاقة الإنسان بأرضه ليأكل مما ينتج ويزرع، فيكون الطعامُ آمناً ويكون المجتمع متكاتفاً من خلال علاقته بأرضه، وما زالت تتجلى هذه الصورة في مواسم الزيتون، حيث نتحدث عن زيتون هذه الأرض من البلاد واختلافه عن زيتون البلاد الأخرى، حيثُ نفهم الأسباب الطبيعية وراء هذه الفروق.هذا النوع من الفكر، هو ما يشكل الرابطة الحقيقية بين الإنسان والأرض، ولنا أن نتخيل كم تراكم لدينا من هذه المعرفة بأرضنا، والتي ضاع الكثير منها خلال سنوات الاستعمار الناعم بالتحديد. هذه المعرفة المتحركة، هي الدافع الطبيعي في تشكيل الهوية، أما اختلاط الثقافات لأسبابٍ استعمارية، فهي دوافع تشكيل الهوية المصطنعة، والتي تمتاز أولاً بميزة الهزيمة والتبعية.
فالخطوة الأولى التي ألمح إليها الآن وبشكل مباشر، هي تبنّي المفهوم، واستبدال الفكرة، حتى يتغير السلوك وتتضح الوجهة.
الفكر العالم بالتحكم بالشعوب هو النقطة الرئيسية بملفاتهم لانشغال العالم عن مخطاتاتهم بحيث يتحكمو بالشعوب الغربية بالأمور التي يعلمو نقاط ضعفهم بها من مأكل وملهى أما نحن يتحكمون بنا بالحروب لأننا كنّا شعب مثقف معتمد ع نفسه اعتماداً كلياً وسوريا المثال ع ذلك لكن من بعد الحرب
أصبحت خاوية تستهلك من الخارج كل شي
وجهة نظرك جميلة لكن اذ لم ينتهي الغرب بإشغالنا بالحروب لن ترفع اي بلد عربي رأسها
وارى حتى العرب داخل البلاد العربية تغير مفهومهم للصناعة الوطنية فأصبحوا يسعون خلف الماركات العالمية يظنون انها الرقي ،،
وهذا كان التخطيط بسرقة هويتنا وفرض هويتهم علينا
لكن النقطة التحول جاءت من بعد حرب غزة صحت الشعوب شيئا ما وأدركنا بأننا نستطيع العيش من غير منتجاتهم وهذا ماجعل الدول الغربية…